تقارير وتحقيقات

"اخباريات" في ضيافة شهيد لقمة العيش "نور سالم" بنابلس

|
"اخباريات" في ضيافة شهيد لقمة العيش "نور سالم" بنابلس

اخباريات - عمر عفانة:  مأساة أسرة نابلسية فقدت فلذة كبدها شهيد لقمة العيش (نور سالم 21 عاما) يتعذر  وصف حجم المأساه التي تجسدت في كل مشهد من مشاهد ألأسرة الثكلى والبيت الذي يسكنه الحزن ,نظرة واحده سريعه كافية لمعرفة حجم البؤس والشقاء اللذان تحتمله هذه العائله بالظروف المعيشية القاهره والتي لم تكن الا مشهد اعتيادي ويومي لهم , فلكل قصة سلسلة من القصص والحكايات , وحكاية هذه ألأسرة ما هي الا نموذج مصغر لمجتمع كبير تحكمه مرارة لقمة العيش في ظل سطوة الجلاد , حقيقة مؤلمة لا يجب استثنائها في وصف الواقع المرير للقضية التي سنسلط الضوء عليها من خلال هذا التقرير .

تحت مستوى الشارع بثلاث طوابق تسكن عائلة الشهيد الشاب نور سالم ,في بيت تزاحمت فيه الأحزان ودوافع تضحية ذاك الشاب بمستقبله واللجوء الى العمل بعد ان انهى الثانوية العامه بنجاح, حيث آثر حمل المسئولية عن أسرته المكونه من خمسة افراد وامهم التي فقدت زوجها قبل تسعة شهور , وضحى بكل امانيه في التحصيل العلمي لعدم قدرته على توفير نفقات الدراسة الجامعية, ونشأ نشأة  المكافح من أجل توفير لقمة عيش كريمه لأسرته , فما بين الدموع والآهات اعتصرت والدته بضع كلمات اختلط فيها الرثاء بالدعاء , وتقول , كيف لنا مواصلة الحياة التي غاب عنها نور , فهو كان بالنسبة لنا بمثابة شريان الحياة , أقبل على هذه الدنيا يحمل في اعماقه محبة الناس والتسامح والطموح بحياة بسيطة مع فارسة احلامه التي احبها وتقدم لخطبتها قبل أربعة شهور , وكان نور قد وعدني بأن يسكن وعروسه في منزلي المتواضع لتكون لي عونأ وتنفض عني هموم ألأسرة , ولكنه كان يقول دائما سوف اعمل واوفر المصاريف اللازمة لترميم الاجزاء المهدمة من البيت , فياحسرتي عليك نور عيني , عروسك ترتدي السواد والبيت سيظل على حاله يسكنه الحزن والحداد , فمن ذا الذي تجرد من انسانيته ليسلبني فرحتي ومهجة قلبي ,وهل اصبح البحث عن لقمة العيش جريمة يعاقبه عليها الاحتلال ليغتاله بهذه الطريقة الوحشية, تهم بالمغادرة وهي تقول قاتل الله من قتلك يا نور ,, وتمضي ,
وفي الجزء ألآخر من الحجرة الضيقة تجلس فتاة في عمر الورد يلفها السواد وتغرقها الدموع وتتأوه حسرة على فراق خطيبها الحبيب وأملها في حياة لا تتمناها الا بقربه , ولم يكن بألأمر اليسير لقاءها وهي في حالة تبكي الصخر والشجر والبشر.
وفي ملامحها البريئة رغبة شديدة للتعبير عن حزنها وشوقها للحبيب الذي غادر الدنيا تاركأ خلفه معشوقته ومدللته وعروسه , وبدون أي مقدمات تقول خطيبته (وعد 18 عاما):
كنت أتصل عليه هاتفيا كل يوم صباحا أصبح عليه واسمع صوته واشجعه على الصلاة والاستعداد الى الذهاب للعمل , وكان يسعده سماع صوتي في ساعات الصباح حيث كان يعتبره بمثابة حافز له على بدء نهار جديد وسعيد. وفي اليوم المشؤوم - تقول وعد - وقبل سماع الخبر بنصف ساعة كان الأتصال الأخير الذي أسعدني لدرجة لا يمكن وصفها، وصمتت وعد واستحضرت لحظة الوداع ألأخيرة وهي تبكي بكاء يفتت القلوب المتحجرة, قال لي:
أنا قادم بالطريق اليك , فقد اشتقت لك , وأريد منك تحضير طعامي المفضل(المجدره) ولكن قبل ذلك سوف أذهب لصلاة المغرب وحضور زفاف ابنة خالي , وقال, لك عندي مفجأة سارة, غدا سوف احجز الصالة للزفاف ونشتري بعض مستلزماتنا ألأولية, وسوف احدثك بالتفاصيل عندما احضر اليك , وكرر (عاملك مفاجأه جهزي حالك) !!.
تضيف وعد: كانت هذه المحادثة مدعاة سروري وسعادتي الغامرة، ومن شدة شوقي اليه تمنيت لو أنه يحضر في التو واللحظة حيث اوصيته بأن ينتبه لنفسه ويصلني بسلام , وبضحكته التي اعتدت عليها أنهى الأتصال. وتضيف: "تلقائيا توجهت للمطبخ وبدأت بإعداد (المجدّرة) التي احبها وطلبها مني , وفي هذه ألأثناء وبينما كنت اتصفح موقع التواصل ألأجتماعي قرأت خبر قيام سائق حافلة اسرائيلية بدهس شاب فلسطيني، ولكن بدون أي تفاصيل , ولم أكن أعلم أنني أقرأ خبر نهاية أجمل  حلم في حياتي , ودارت محادثة مع شقيقته نغم التي سألتني: 
-تعرفي وين نور ؟
-أكيد بكون في الطريق! 
-يعني انتي حاكيتيه؟
-قبل شوي حاكيته ,,, خير احكي شو صار ؟!
- ولا شي ولا شي ,,,!
وحلفتها بالله واقسمت عليها ان تقول ما الذي سمعته قالت:
-عامل حادث بسيط لا تقلقي !
تلقائيا وجدت نفسي اطلبه على الهاتف ولكنه مغلق , فاتصلت على شقيقه نعيم حيث قال (لا تقلقي هيو بالفحص وان شاء الله سليمه كمان شوي بنروح عالبيت ) .
تضيف خطيبته وعد: على الفور ذهبت لبيت حماتي وهناك لاحظت تجمع العديد من أقاربه وأصدقائه , وفجأة سمعت صراخ احدهم فكانت بالنسبة لي بمثابة الصاعقة التي أفقدتني الوعي ولغاية الآن لم أصدق أن نور لن يعود ولن أراه فأنا أتوقعه أن يدخل في أي لحظة ,ولكن لا، فقد استشهد نور واغتالوه بدم بارد وقتلوا العشق الوحيد والأمل الذي كنت احيا عليه.
شقيقته نغم تجلس بجانبها وتجفف لها الدموع وتتحسس يديها وتلامس ذبلة الخطوبة , تقول: "نور لم يكن أخي فقط بل كان أقرب من نفسي الى نفسي , فهو صديقي وكان يهتم لأمري ويمازحني ويحنو علي حنو ألأب وألأخ والحبيب , من شدة حبي له خطبت له صديقتي وعد فهي ايضا صديقتي المفضلة وزميلة صفي في المدرسة". وتضيف: "كم تمنيت ان يكونا معأ , احبهما جدا جدا وتمنيت ان اشاهدهما في كوشة الزفاف , كل شيء في حياتنا مرتبط به ,وعدنا ان يصلح سقف المطبخ عندما قلنا له ان مياه الامطار تتسرب منه، فنظر اليه وقال , (الاسبوع الجاي ان شاء الله ساصلحه) , كان يقول دائما (كلنا سنموت على الطريق) ويكتب على صفحته الشخصيه ان اشتاق لوالده ويتمنى لقائه , كان يحب متابعة كرة القدم وحب جمع انصاف الشواقل ويمازحنا بجمعها , وتقول شقيقته نغم 
ان الأحتلال يتحمل المسئولية الكاملة عن هذه الجريمة بحق انسان لم يكن ذنبه الا البحث والسعي لتوفير لقمة عيش كريمه لأسرته التي كان هو معيلها الوحيد , وليس هذا غريبا، لا سيما وان المستوطنين يهددون وبشكل سافر ودائم بقتل العرب ويحملون لنا المشانق ويلوحون بها امام العالم وامام وسائل الاعلام ولا يوجد من يردعهم او يحاسبهم على هذه الجرائم التي ترتكب بحق ابناء شعبي بشكل عام والتي ارتكبت بحق شقيقي نور بشكل خاص ,وانني بأسم اسرتي ووالدتي وخطيبته اخاطب المجتمع الدولي والمؤسسات الحقوقية والقانونية في العالم ان تقف عند مسؤولياتها وتحاسب الاحتلال على جرائمه اليومية بحق الاطفال والعمال والفلاحين الذين يتعرضون للقتل والخطف والشنق والحرق في مختلف انحاء الوطن , كما اتوجه بنداء خاص الى القيادة الفلسطينية ان تحمل على عاتقها  هذه القضية وتعمل على توفير وسائل الحمايه وألأمن للمواطن الفلسطيني في كل مكان .
 
 
 

أضف تعليقاً المزيد

الاكثر قراءة المزيد

الاكثر تعليقاً المزيد