اخباريات فلسطينية

الحرب القادمة مسالة وقت و حماس ستكون أكثر استعدادا وخطرا واستخلصت العبر

|
الحرب القادمة مسالة وقت و حماس ستكون أكثر استعدادا وخطرا واستخلصت العبر

 القدس المحتلة: حماس وباقي التنظيمات المسلحة العاملة في قطاع غزة أطلقوا خلال الجرف الصامد أكثر من 4500 صاروخ إلى مسافات مختلفة داخل إسرائيل. 

من هنا فان فهم حماس بأنه ايضا اذا كانت نجاعة القبة الحديدية قد منعتها من التسبب باصابات كثيرة في اوساط السكان المدنيين في إسرائيل، فان مجرد اجبارهم على ارسال الملايين من سكان إسرائيل إلى الملاجيء بصورة يومية ومتواصلة والتشويش على الحياة في أعقاب ذلك، شكلت من وجهة نظرها انجازا مهما. 
كما أن قدرتها على تشويش الطيران المدني الإسرائيلي والامكانية الكامنة للضرر الاقتصادي والمعنوي التي تكتنفها من شأنها أن تشجع التوجه إلى انتاج الصواريخ من خلال زيادة كميات الانتاج، تحسين درجة الدقة وزيادة المدى.
إن تنفيذ تجارب الاطلاق المتواصلة في القطاع يعزز هذا التقدير. 
حماس تفهم أنه في المستقبل سيكون عليها أن توسع كثيرا أهداف القصف، وذلك لتفرض على إسرائيل تقليل كثافة نشر البطاريات وتركيز الدفاع عن البنية التحتية الحيوية ـ الامر الذي يزيد من احتمال اختراق الغلاف الدفاعي. ليس من المستبعد أنه من اجل توسيع نشر الاهداف والتسبب في تقليل كثافة البطاريات، ستستعين حماس بقوات حزب الله في لبنان أو في سوريا وبالتنظيمات الفلسطينية في جنوب لبنان أو بمنظمات اسلامية متطرفة في شبه جزيرة سيناء كي يفتحوا جبهات اخرى ويطلقون هم ايضا الصواريخ باتجاه إسرائيل.

حماس خرجت مضروبة وجريحة من الخمسين يوم قتال في عملية الجرف الصامد. برامج اعادة اعمار غزة لا يتم تنفيذها بوتيرة وبالحجم الذي توقعه قادة المنظمة عند انتهاء الحرب. الوضع الاقتصادي في غزة صعب جدا، والازمة الاقتصادية والانسانية من شأنها أن تشكل محفزا للاحتجاج الجماهيري الذي يهدد سلطة حماس. اضافة إلى ذلك، حتى هذه الاثناء، فانه لا يوجد أفق سياسي منظور، والنضال المسلح ضد إسرائيل بقي عنصرا مركزيا في العقيدة السياسية الاسلامية للمنظمة. 
وبناءً على ذلك فان جولة قتال اخرى بين إسرائيل وحماس هي فقط مسألة وقت. إن عودة محمد ضيف إلى الصورة، قائد الذراع العسكري لحماس، أثارت التساؤلات فيما يتعلق بوجهة نشاط المنظمة في المواجهة المستقبلية مع إسرائيل. 
يمكننا الآن الافتراض بأنه في الجولة القادمة من المواجهة ستكون حماس أكثر استعدادا وخطرا مما كانت عليه حتى الآن لأنه من المعروف أن نتائج التقييم واستخلاص العبر للمنظمة معروفة جيدا ويتم تطبيقها في كل جولة قادمة. يجب أخذ هذا الامر في الاعتبار عند تقدير هل الهدف الاساسي الذي واجه إسرائيل في حربها الاخيرة مع حماس ـ تثبيت ردع طويل المدى أمام المنظمة ـ قد تم انجازه حقا. من الواضح اليوم أن المنظمة مستعدة جيدا للجولة القادمة.
 فهي تعيد اصلاح وتبني من جديد وبنشاط قوتها وبنيتها العسكرية التحتية. في الواقع فانه استعدادا للمواجهة القادمة فان حماس لن تغير بصورة دراماتيكية عقيدتها القتالية، لكن يمكن التخمين أنها تعكف باجتهاد على تطوير وتعزيز عقيدتها القتالية من خلال استيعاب وتطبيق العبر التي استخلصتها منذ وقف اطلاق النار، الذي أنهى معركة صيف 2014. في هذه المقالة سيتم فحص جهاز أخذ العبر لحماس وفي الاساس من الناحية العسكرية لبناء القوات وتشغيلها بهدف محاولة تقدير استعداد المنظمة للمواجهة القادمة.

منذ انتهاء الحرب في صيف 2014 تعكف حماس على اعادة اصلاح شبكة الانفاق الهجومية من قطاع غزة إلى إسرائيل. لقد فهمت قيادة المنظمة أن عدد الانفاق التي حفرتها ومدى استخدامها شكلت مفاجأة لإسرائيل. بناء على ذلك اصبحت الانفاق الهجومية عنصرا مركزيا في العقيدة القتالية للمنظمة.
 رغم أن نتائج استخدامها خلال الجرف الصامد لم تتناسب مع القيمة الحاسمة التي منحتها حماس اياها والامكانيات الكامنة فيها لم يتم تحقيقها، فمن المفترض أن تواصل المنظمة حفر الانفاق وتحاول مفاجأة إسرائيل ثانية من اجل جباية ثمن باهظ منها. ليس مستبعدا أن تتركز جهود الحفر في عدد أقل من المحاور، لكنها ذات فعالية عالية، بهدف تحقيق انجاز بالقدر الاعلى من ناحية حماس ـ خطف جنود أو مواطنين إسرائيليين. 

انفاق البنية التحتية التي تم حفرها كشبكة متشعبة في باطن الارض في القطاع شكلت عنصرا اساسيا في قدرة حماس على الحرب الطويلة. انجازها الأهم يرتبط ببقاء القيادة الاساسية. من شبه المؤكد أن المنظمة ستعيد اصلاح الانفاق التي اصيبت وتواصل حفر انفاق جديدة على ضوء حقيقة أنه في نهاية الجرف الصامد بقيت تقريبا كل سلسلة القيادة العليا والقيادة السياسية لحماس على قيد الحياة.

خلال حرب الجرف الصامد استخدمت حماس عددا من التكتيكات شهدت نتائجها أن نجاعتها لم تنضج بعد. ومع ذلك يجب أن نتوقع أنه في الجولة القتالية القادمة سيتم استخدام تلك التكتيكيات مرة اخرى. الامر يتعلق بدخول كوماندو بحري إلى داخل إسرائيل وتشغيل طائرات بدون طيار يكون هدفها الاساسي خلق تأثير رادع معنوي وسط السكان في إسرائيل. ليس مستبعدا أن جزء على الاقل من هذه العمليات سيتسبب ايضا بخسائر في الأرواح والممتلكات.
 فعليا، فانه لم يكن هناك لاستخدام حماس للطائرات بدون طيار في الجرف الصامد نجاحات كبيرة، لكن هذا أحد المجالات التي يمكن بها أن تقوم المنظمة بتحقيق قفزة نوعية كبيرة وخاصة على ضوء حقيقة أن التطورات التكنولوجية في هذا المجال تزداد وتتقدم. إن مساعدة في هذا المجال قد سبق ونقلت لحماس من إيران، التي لديها امكانيات متقدمة في تطوير وانتاج هذه الطائرات، ومن المتوقع أن يستمر ذلك. 

الطائرات بدون طيار يمكنها أن تشكل بديلا موازيا لاطلاق الصواريخ وحتى يمكنها زيادة الضرر ـ انتحار طائرة بدون طيار فوق الهدف بواسطة تشخيص بشري أو ذاتي. كما أنه يتوقع أن تستثمر المنظمة جهودا في التزود باسلحة بر ـ بحر ضد السفن وكذلك تعزيز وتحسين منظومة الدفاع الجوي لها، وذلك رغم أن تفوق سلاح الجو الإسرائيلي واضح، نظرا لأنه اذا استطاعت اسقاط طائرة أو مروحية أو اصابة سفينة لسلاح البحرية ستحظى بنجاح تتمناه منذ فترة طويلة.

للدفء الذي سجل مؤخرا في العلاقات بين إيران وحماس ينضم ضلع آخر ـ حزب الله. منذ سنوات يجري بين حماس وحزب الله عملية تعلم متبادلة. حماس تعلمت العبر وعمليات كثيرة من حزب الله ونفذتها، وحزب الله من جانبه يمكن أن يتعلم من فهم حماس حول العمليات العسكرية واسلوب العمليات للجيش الإسرائيلي خلال الجرف الصامد. 
معقول أن جهود التعلم واستخلاص العبر في اعقاب الجرف الصامد أن تكون مشتركة مع إيران وحزب الله وحماس. في الجرف الصامد كانت الوحدات التكتيكية لحماس اكثر نجاعة وشدة مما كانت في المواجهات السابقة مع الجيش الإسرائيلي. إلى جانب استخدام وسائل قتالية متطورة فان نشاط الذراع العسكري للمنظمة شهد على فهم أن السلاح المعياري ايضا واساليب قتال اساسية بامكانها أن تكون ناجعة اكثر وأكثر فتكا. عن طريق اطلاق النار من القناصين، الرشاشات وقذائف المدفعية أو عن طريق زرع مكثف للعبوات والالغام، إلى جانب محاولات جذب قوات الجيش الإسرائيلي إلى «مناطق القتل»، بواسطة ذلك استطاعت أن تجبي من إسرائيل ثمنا باهظا من الضحايا ـ اكثر من أي مواجهة اخرى جرت بين الطرفين في السنوات الثمانية الاخيرة.

في النظرية العسكرية لحماس تم دمج استراتيجية إعلامية ناجعة، والتي وصفت بانها «عقيدة الضحية» والتي هدفها، هو استخدام المواطنين «دروع بشرية»، أي، اطلاق صواريخ واستخدام وسائل قتالية من داخل مناطق مأهولة بشدة بهدف ان تفرض على إسرائيل الرد واصابة السكان الفلسطينيين غير المشاركين في القتال. هذه الاستراتيجية تستهدف التسبب باستخدام ضغط سياسي، إعلامي وقانوني دولي على إسرائيل، والمس بشرعيتها وتشغيل قوة والتسبب بعزلها، عن طريق استخدامها قوة غير متوازنة. من شبه المؤكد أن نجاح حماس في نقل رسالة «الضحية» خلال «الجرف الصامد» ستؤدي إلى التصرف بصورة مشابهة أيضا في المواجهة القادمة، بالرغم من المعاناة والتدمير الكبير الذي يوقعه بهذه الطريقة على سكان القطاع.

بالرغم من الثمن الباهظ الذي دفعته حماس في الجرف الصامد فانها لا تسكت وتعد نفسها للحرب القادمة. بالنسبة للتنظيم فان الحرب ضد إسرائيل هي أداة للتغيير الاستراتيجي الذي يسعى اليه من أجل تأمين حكمه في قطاع غزة وتعزيز مكانته كلاعب رئيسي في الحلبة الإسرائيلية ـ الفلسطينية، بحيث تفوق مكانته مكانة السلطة الفلسطينية برئاسة فتح ومحمود عباس. من أجل تأجيل المواجهة القادمة مع حماس بقدر المستطاع يقتضي الامر جهدي أساسيين: الاول، منع تعزيز قوة التنظيم وتسلحه بوسائل قتالية متطورة وبمواد خام من شأنها أن تستخدم في انتاجها. الثاني، بواسطة رافعة اقتصادية أي تحسين الوضع الاقتصادي والوضع الانساني الخطيران جدا، السائدة في قطاع غزة. 
ان التخفيف في وضع سكان القطاع سيعزز الشعور ببقاء سلطة حماس في المنطقة، وفي غياب تهديد ملموس على سلطتها بالامكان التقدير انها لن تسارع في الذهاب إلى الحرب. ولكن في هذا السياق علينا أن نذكر، بان منظومة العلاقات المتضعضعة والمتعكرة السائدة ما بين حماس والسلطة الفلسطينية، وخاصة الخلاف بين الطرفين بخصوص توزيع اموال اعادة الاعمار الموعود بها قطاع غزة تلعب دورا مركزيا في وقف التقدم في مسار اعادة الاصلاح الضروري.
 
(نقلا عن سما)
 
 

أضف تعليقاً المزيد

الاكثر قراءة المزيد

الاكثر تعليقاً المزيد