اخباريات: نشر معهد أبحاث الأمن القومي الإسرائيليّ، التابع لجامعة تل أبيب، والمُرتبط عضويًا مع المؤسستين السياسيّة والأمنيّة في تل أبيب، نشر مقالاً مشتركًا لإعلامي سوريّ وباحث إسرائيليّ، عرض فيه ما أسماها بـ”الأدوار الوهمية المنسوبة لإسرائيل في إطار الحرب الأهلية في سوريّة”، التي يتناقلها أطراف الصراع في البلد من النظام والمعارضة، في وصفهم للأحداث التي عصفت بالبلاد منذ عام 2011.
يذكر أنّ الموقف الإسرائيليّ الرسميّ إزّاء الحرب في سوريّة هو عدم التدخل، باستثناء تقديم مساعدات “إنسانيّة”، علاج جرحى المُعارضة في مستشفيات الدولة العبريّة، أوْ شن هجمات جوية، حسب تقارير أجنبية، ضدّ أطرافٍ معادية لإسرائيل تستغل الظروف لتضع يدها على معدات قتالية تهدد أمن إسرائيل، وذلك دون اعتراف رسميّ أوْ نفيّ من قبل إسرائيل لهذه الممارسات.
وأورد كاتبا المقال وهما الإعلامي والكاتب السوريّ، ثائر الناشف، والكاتب والباحث الإسرائيلي، دكتور أوفير وينتر، ثلاثة أدوار وهميّة ينسبها النظام السوريّ، والمعارضة السوريّة على أشكالها، وتنظيم “الدولة الإسلاميّة”، كلٌّ وفق مصالحه، لإسرائيل.
وفيما يتعلّق برواية النظام السوريّ، قالت الدراسة إنّ النظام السوريّ عكف منذ انطلاق المظاهرات ضدّ نظامه على اتهام معارضي النظام بأنّهم “وكلاء للصهاينة”، وأنّهم ينفذون مخططًا صهيونيًا يهدف إلى تدمير سوريّة وتقسيمها. وطوّر النظام نظريته هذه، كما أكّدت الدراسة الإسرائيليّة، إلى أنّ الحرب هي في الأساس ضدّ مخطط رسمه العدو الصهيونيّ الذي يسعى عبر وكلاء المعارضة إلى تدمير آخر معقل للمقاومة ضدّه في العالم العربي. علاوة على ذلك، أوضحت دراسة معهد أبحاث الأمن القوميّ الإسرائيليّ، وسّعت أبواق النظام نظرية المؤامرة لتشمل جميع التطورّات السياسية التي تمر بالمنطقة، إذْ تحوّل “الربيع العربي” على لسان متحدثين موالين للنظام السوريّ إلى “الربيع العبري”، وراج التحليل أنّ أجهزة الاستخبارات الإسرائيليّة والأمريكيّة هي التي تقف وراء كل الاضطرابات التي تشهدها المنطقة العربية، من تونس إلى سوريّة، كما أكّدت الدراسة.
بالإضافة إلى ذلك، تناولت الدراسة المُشتركة للإعلاميّ السوريّ والباحث الإسرائيليّ رواية المُعارضة السوريّة، وقالت في هذا السياق: قامت المعارضة السوريّة، مثلها مثل النظام، باستثمار نظريات المؤامرة المتأصلّة في ثقافة الشعوب العربية، الخاصّة بإسرائيل، بهدف تبرير حربها وموقفها ضدّ نظام الرئيس السوريّ د. بشّار الأسد، فقد نشرت فصائل معارضة محسوبة على الحركات الإسلاميّة واليسار المعارض، الادعاء أنّ الأسد هو “كلب إسرائيل الوفي”.
وتوسع مثقفون ينتمون إلى التيار الليبرالي المعارض، في طرحهم نظريات المؤامرة الخاصّة بإسرائيل، لتفسير كل ما يجري في المنطقة، وتلخيص الدور الأمريكيّ في المنقطة على أنّه خاضع للإرادة الإسرائيليّة، وهو السبب الذي يدفع الغرب إلى عدم التدخل في سوريّة، لأن إسرائيل تريد بقاء الأسد، على حدّ وصف الدراسة، التي تابعت قائلةً إنّ المُعارضة السوريّة استثمرت هذه النظريات لتبرير هزائمها وعدم قدرتها على حسم المعركة ضدّ النظام السوريّ، بالقول إنّه مدعوم من دولةٍ قويةٍ مثل إسرائيل، وساهم هذا الحديث في التغطية على الانقسامات التي شهدتها المعارضة، وتحول أجزاء كبيرة منها إلى قوات مسلحة متطرفة يرفض العالم التعاون معها. الدراسة تناولت أيضًا رواية تنظيم “الدولة الإسلاميّة”، حيث قالت في هذا السياق إنّ “داعش”، وصف نظام الأسد بأنّه “خط الدّفاع الأول” لإسرائيل، وأنّه حليف لها في حربها ضدّ المسلمين، وكذلك أنّه رئيس علمانيّ لا يؤدّي فريضة الجهاد ضدّ إسرائيل. علاوة على ذلك، قالت الدراسة المُشتركة: بيّن تنظيم “الدولة الإسلاميّة ” أنّه بعد حروبه الداخليّة ضدّ مَنْ يُطلق عليهم الرافضة، وهم المسلمون الذي يقفون ضدّ الأمة الإسلاميّة، سينتقل إلى حروبه ضدّ إسرائيل.
ولفتت الدراسة أيضًا إلى أنّه انتشرت النظرية أنّ أبي بكر البغدادي “يهودي”، في مواقع الإنترنت العربيّة، خاصّة السوريّة، كنار بالهشيم. وانتهى كاتبا المقالة إلى أنّ نظريات المؤامرة التي ينشرها الأطراف المتناحرة في سوريّة، تنعكس سلبا على فهم ما يجري في سوريّة، إذْ، برأيهما، تحجب المشاكل الحقيقة التي تواجهها سوريّة.
ووفقًا لهما، فإنّ الضحية الكبرى لهذه الممارسات، حسب المقالة، هم السوريون الذين يقعون ضحية التضليل وليس بوسعهم فهم الحقيقة من وجهة نظر لا تزج إسرائيل بكل شيء، ولا تُساهم في خلق أجواء من النقد الذاتيّ الصريح الذي يُمكّن المجتمعات من التقدم بعيدًا عن مستنقعات التخلّف.
ومن ناحية إسرائيل، خلصت الدراسة إلى القول، إنّه بالرغم من الجوانب الإيجابيّة المرتبطة بنظريات المؤامرة حولها، مثل تصويرها على أنها قادرة على كل شيء، ولها تأثير عظيم على القوى العظمى في العالم، ففي نهاية الأمر تُسبب هذه النظريات في تعثر تقدّم العلاقات بين إسرائيل وأطراف لها مصالح مشتركة في سوريّة، وكذلك في بناء الثقة مع الشعب السوريّ في المستقبل، الذي سيبقى يرى إسرائيل “شيطانًا يسعى إلى تدمير الشرق الأوسط” من منظور نظريات المؤامرة، على حدّ وصف الدراسة الإسرائيليّة المُشتركة مع الإعلاميّ السوريّ.