فسحة للرأي

الرهان الخاسر

عمر حلمي الغول |
الرهان الخاسر

 كتب - عمر حلمي الغول:  للتحالفات أسسها وقواعدها وضوابطها واثمانها. التحالفات ليست واحدة إن كان داخل حدود دولة وشعب واحد او بين دولتين او اكثر. ولكل تحالف أحكامه واشتراطاته الذاتية والموضوعية. غير ان من ثوابت التحالفات، ان للقوة الكبيرة والرئيسية حصة الأسد، ولها اليد الطولى في رسم سياساته. لكن هذا لا يعطيها الحق في إدارة الظهر لحلفائها او تجاوز الخطوط العريضة الناظمة للتحالف. لأن انعكاسات ذلك سلبية عليها ليس في المرحلة المحددة للتحالف، انما في المراحل اللاحقة.


في خضم معركة الانتخابات للمجالس المحلية الحالية توزعت الساحة على عدد من التحالفات بين القوى المتجانسة سياسيا وفكريا، قوى اليسار الخمس شكلت "التحالف الديمقراطي"، القوى القومية الاربع شكلت "التحالف الوطني الديمقراطي"، وأعلنت عن تحالفها مع حركة فتح، حركة حماس شكلت تحالفها مع شخصيات وصفتها بالمستقلة محسوبة عليها، وحركة فتح وافقت على التحالف مع القوى القومية ومع شخصيات مستقلة. قوى اليسار وضعت آليات عمل تتناسب مع خارطة توزع الثقل لكل قوة من القوى فيها، حيث سمحت لأي قوة موجودة في التحالف الانخراط في اي تحالف آخر لا تمثل قوة تقريرية في هذه المدينة او تلك القرية، ليس هذا فحسب، بل وابدى الجميع الاستعداد للتصويت لها من خلال محازبيها وانصارها، ما اعطى القوى اليسارية حرية المناورة والاستفادة من المساحة الممنوحة لها. وعلى هذا الاساس توزعت تحالفاتها في مناطق عديدة مع حركتي فتح وحماس ارتباطا بحساباتها. وايضا فعلت حركة فتح ذلك في بعض المدن كما حصل في نابلس بالتحالف مع عدلي يعيش، المحسوب على حماس وشخصيات مستقلة. وذات الشيء فعلت في قبلان (محافظة نابلس) وقراوة بني حسان (محافظة جنين) ومواقع اخرى وفقا لتقديرات قياداتها في المدن والمحافظات الاخرى.

غير ان "التحالف الوطني الديمقراطي" رهن تحالفاته ووضع كل اوراقه في السلة الفتحاوية، وتعاملت الحركة معه على هذا الاساس، وتمت اللقاءات بين فتح وممثلي القوى الاربع: جبهة النضال، جبهة التحرير، الجبهة العربية الفلسطينية وجبهة التحرير العربية في محافظات الجنوب ومحافظات الشمال. وقامت تلك القوى بترشيح شخصيات تمثلها، ولم تطلب الكثير من فتح، فعلى سبيل المثال لا الحصر رشحت في غزة خمس عشرة شخصية لكل مجلس شخصية واحدة، بمعنى ان القوى الاربع تدعم شخصا في هذه القائمة او تلك. لكن حركة فتح سجلت تحفظات على الشخصيات المرشحة، وقبل يومين من تسجيل القوائم ابلغتهم، انها تعتذر منهم، لان جملة من الاعتبارات تحول دون التشارك معها، وحتى عندما قبلت وجود بعض الاسماء للمشاركة معها، وضعتهم في نهاية القائمة، ما يعني وضعهم في المربع غير المأمون، كما حصل مع رفيق ابو ضلفة، عضو قيادة جبهة النضال.

هذا التطور شكل صدمة للقوى الاربع، وأُسقط في يدها، وأشعرها بالخذلان والاستياء. وقال بعض ممثليهم من القيادات الاولى "إن ما حصل لم يكن متوقعا. واوقعنا في حرج شديد مع قواعدنا. ولو ان فتح ابلغتنا من البداية او قبل اسبوع، بأنها لا تستطيع السير معنا حتى النهاية، كان ذلك اريح لنا، واعطانا الفرصة لتشكيل قوائمنا الخاصة". مع ذلك الدرس الاساسي، الذي يفترض استخلاصه من هذه التجربة، ان القوى الاربع، كان عليها إعداد قوائمها الخاصة، بحيث تكون جاهزة لاي طارئ، دون ان يعني ذلك نقض التحالف. وايضا واجبها تجاه نفسها، الانتباه للثمن، الذي ستدفعه مع اي قوة مركزية كفتح. وكذلك كان عليها قراءة اللحظة السياسية وحرص حركة فتح على توجيه كل جهودها للفوز بكل المجالس إن أمكن واستعادة دورها المركزي فعليا في الساحة الوطنية، لأنها لا تعتبر معركة الانتخابات البلدية، معركة خدماتية انما معركة سياسية مع المشروع الحمساوي، وبالتالي الهيئات القيادية في فتح، بقيت مشخصة عيونها صوب مؤشر بوصلتها الفوز والانتصار، وعدم المغامرة غير المحسوبة في ترشيح قوائمها. لكن عليها ان تتوقع من القوى الاربع ردة فعل سلبية، ليس الآن، بل في المستقبل.

oalghoul@gmail.com

أضف تعليقاً المزيد

الاكثر قراءة المزيد

الاكثر تعليقاً المزيد