كتب - مصطفى الصواف *: هل فعلا وصلنا إلى نهاية لعبة الانتخابات البلدية بعد قرار محكمة العدل العليا تأجيل النظر في القضايا المرفوعة أمامها حتى الثالث من الشهر القادم وإعلان لجنة الانتخابات أن تاريخ الثامن من الشهر القادم، لم يعد يصلح لإجراء الانتخابات، وهو كلام سليم ومنطقي كون التأجيل لا يُبقي سوى خمسة أيام، ثم هناك جلسة أخرى متعلقة بالانتخابات في المحكمة، مختلفة عن الجلسة الاولى، ولكن في كل الاحوال لن يشهد الثامن من الشهر القادم انتخابات محلية.
نعم، نجح محمود عباس عبر حركة فتح التي يقودها إلى البدء بالعد التنازلي لوقف قراره قبل ما يزيد عن شهرين لإجراء الانتخابات البلدية، هل تفاجأ محمود عباس بعدم جاهزية حركة فتح للانتخابات؟، أو لم يكن في حساباته أن توافق حماس على الدخول في الانتخابات بالقوة التي دخلت بها؟، أو أن محمود عباس لم يرجع إلى مرجعياته العربية التي يهرب إليها عندما يريد اتخاذ قرار، حتى ولو انتخابات محلية بدعوى المشاورة والمساندة العربية؟.
أم أن محمود عباس يريد اليوم الهروب الى التوافق الوطني في تأجيل الانتخابات بموافقة حماس حتى لا يتحمل المسؤولية عن إفشال الانتخابات المحلية بعد كل الاخطاء التي وقعت فيها حركة فتح وخلافاتها التي اسقطت لها تسعة قوائم في قطاع غزة؟، او أن محمود عباس سيمضي قدما في القضاء المسيس ويخرج قطاع غزة من معادلة الانتخابات البلدية، حال فشل حصوله على ما يسمى بالتوافق الوطني ويجري الانتخابات في الضفة الغربية وحدها بدعوى ان غزة خارجة عن الشرعية وانها من ناحية ادارية غير مؤهلة لإدارة ملف الانتخابات، لا قضائيا ولا اشرافيا ولا أمنيا ، ولو أجريت في قطاع غزة كما كان مقررا، هو اعتراف ضمني بشرعية الموجود فيه من مؤسسات.
السيناريو الواضح من ضمن السيناريوهات الاكثر قبولا هو اجراء الانتخابات في الضفة واللجوء للقضاء والقانون لتبرير الموقف امام الداعمين ماليا لمحمود عباس، والذين كان لهم دورا واضحا في دفع عباس لإجراء الانتخابات بطريقة مخالفة لما كانت عليه عام 2012.
إلى هنا تبدو الامور تسير بشكل سلسل نحو انتخابات على غرار 2012 ، أي اقتصارها على الضفة الغربية دون قطاع غزة، وسيطوي القضاء الفلسطيني المسيس قضية مشاركة القدس في الانتخابات البلدية وهي القضية التي ستنظر امام القضاء في الرابع من الشهر القادم، ولكن السؤال الذي سيطرح نفسه وهو نفس الفرضية التي لم تكن في حسبان محمود عباس وهو حركة حماس، ماذا لو وافقت حركة حماس على خوض الانتخابات، لو اجريت فقط في الضفة الغربية؟، ماذا لو حدث هذا السيناريو وكيف سيتصرف محمود عباس؟ هل سيستمر ويمارس لعبة القط والفار هو والاحتلال في اعتقال وملاحقة عناصر وقيادات حركة حماس حتى لا يتمكنوا من المشاركة وإن شاركوا تكون الخسارة.
من وجهة نظري، أن تستمر حماس في لعبة الانتخابات حتى لو اقتصرت على الضفة الغربية مهما فعل عباس واجهزته الامنية وشاركه الاحتلال افضل مليون مرة من اعطاء عباس ورقة التأجيل تحت مسمى توافق وطني والتي سيستغلها عباس في تأجيل كل الانتخابات إلى ما لا نهاية بحجة التوافق الوطني الغائب والمشكوك فيه خدمة لمصالحة الشخصية والحزبية بعيد عن مصلحة الوطن.