عمان: كسرت جماعة الإخوان المسلمين في الأردن، العزلة الرسمية منذ تسونامي الانشقاقات والخلافات الداخلية التي عصفت بها قبل نحو عامين ، إذ تكشف مصادر رأي اليوم عن وجود اتصالات سياسية وعلى مستوى رفيع أجريت خلال الأشهر الماضية، بين أركان الدولة الأردنية وقيادات من الحركة الإسلامية بشقيها الدعوي والسياسي .
وبحسب صحيفة راي اليوم، عقد الإسلاميون خلال تلك الفترة أكثر من عشر لقاءات رفيعة المستوى شملت رؤساء حكومات سابقين ورجالات دولة مقربين من القصر الملكي.
ورغم السرية التي تفرضها جميع الأطراف المتحاورة ، إلا أن ما رشح عن اللقاءات يعكس تناغماً في الطرح بين قيادات الحركة الإسلامية ورجالات الدولة، سيما فيما يتعلق بضرورة المحافظة على الاستقرار السياسي والاقتصادي والأمني في البلاد، وفقاً للمصادر .
وتسعى أطراف اللقاءات إلى إعادة إنتاج الحالة التشاركية بين رجالات الحكم وقطب المعارضة الأبرز في البلاد، تأهباً لاستحقاقات المرحلة المقبلة في ظل الأزمة الاقتصادية، وحالة العزلة السياسية ومحاولة بعض الأطراف العربية والإقليمية القفز على الدور الإقليمي للأردن.
وبطبيعة الحال، لم يكن للقاءات أن تنعقد، وما كان لأبناء السلطة أن يتحملوا ضريبة الإقدام على خطوة الانفتاح على ( الجماعة غير المرخصة) لولا حصولهم على ضوء أخضر من جهات سيادية، ما يحمل الكثير من الدلالات التي توقفت عندها المصادر وذهبت بعيدا في محاولة تفسيرها.
إذ لا تستبعد مصادر رأي اليوم، أن تمهد اللقاءات لمصالحة وطنية شاملة قد تفضي لانتخابات برلمانية مبكرة وحكومة بنكهة إخوانية، وتتكئ في رأيها ذاك، على موقف العاهل الأردني الرافض لتصنيف تنظيم جماعة الإخوان المسلمين على قائمة الإرهاب، والذي أعرب عنه خلال أول لقاء جمعه بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب في واشنطن، وأثار حينها انزعاج بعض الأطراف الخليجية، وهو موقف أُبلغت به الجماعة عبر وسطاء – كما همست أوساط الجماعة في أذن الكاتب – وردّت عليه،بدورها، بهدنة سياسية واستدارة نحو الداخل .
وترى أوساط الجماعة، أن الظرف الإقليمي في السنوات الأخيرة، كان يحتم على (إخوان الأردن) الانحناء (إن جاز التعبير) للعاصفة، والجنوح للصمت وعدم التصعيد تجاه تصعيد رسمي مضاد تمثل بمحاولة استنساخ نسخة مهجنة من (الجماعة)، سيما أنه تصعيد مدفوع بضغط عربي ودولي في سياق مخطط للقضاء على ظاهرة الإسلام السياسي، بيد أن المعطيات الإقليمية الراهنة مهيأة لاستعادة (الجماعة) دورها التاريخي في دعم وإسناد النظام في ظل تهميش دور الأخير خاصة فيما يتعلق بملف القضية الفلسطينية.
على أي حال، رب ضارة على هيئة (جمعية)، تكون نافعة، إذ سعت الجماعة الأم لتحويل التحدي الوجودي الأخطر في تاريخها، إلى فرصة لإعادة ترتيب بيتها الداخلي، وإجراء مراجعة شاملة لا تقتصر على السلوك والأداء والخطاب، بل قد تعيد إنتاج الجماعة فكرياً ووظيفياً، كما تؤكد المصادر.