وكالات: هيمنَ خبر اغتيال العالِم الفلسطينيّ الدكتور فادي البطش (35 عامًا) من مخيم البريج في قطاع غزّة، في العاصمة الماليزية كوالالمبور فجر أمس السبت، هيمنَ على اهتمام وسائل الإعلام العبريّة على مختلف مشاربها، فيما التزمت الحكومة الإسرائيليّة الصمت المُطبق، ولم تُعقّب لا من بعيد ولا من قريب على الحادثة، على الرغم من أنّ الفلسطينيين اتهموها بالمسؤولية عن تنفيذ عملية الاغتيال.
وقال صباح اليوم الأحد وزير الأمن الإسرائيليّ، أفيغدور ليبرمان، للإذاعة العبريّة العامّة إنّه سمع عن مقتل البطش في وسائل الإعلام، مُشدّدًا في الوقت عينه على أنّ الحديث يدور عن تصفية حسابات بين الـ”تنظيمات الإرهابيّة”، وتابع قائلاً إنّ البطش لم يكُن صِدّيقًا، وبالتالي لن نذرف عليه أيّ دمعةٍ، واصفًا حركة حماس بأنّها تنظيم آكلي لحوم البشر، ورفض التعقيب على سؤالٍ حول مسؤولية تل أبيب عن عملية الاغتيال.
ولفت مُحلّل الشؤون الفلسطينيّة في شركة الأخبار الإسرائيليّ، أوهاد بن حيمو، إلى أنّ عملية اغتيال البطش مُشابهة تمامًا لعملية قتل المهندس التونسي محمد الزواري، مُشدّدًا على أنّ حماس تعمل وبشكلٍ سريٍّ على تدريب وتأهيل مهندسين فلسطينيين في الخارج لتصنيع الطائرات بدون طيّار، مُضيفًا أنّه ربمّا توجد علاقة بين الزعم الإسرائيليّ بأنّ حماس تُدرّب الطلبة الفلسطينيين في ماليزيا على الطائرات الشراعيّة وبين اغتيال البطش.
وفي تطورٍ لاحقٍ قال وزير التعليم ورئيس حزب (البيت اليهوديّ)، نفتالي بينيت، إنّه على إسرائيل عدم السماح بإدخال جثّة الشهيد لدفنها في القطاع، حتى تُعيد حماس جثتي الضابط والجنديّ الإسرائيليين، اللذين قُتلا في عدوان 2014، هدار غولدين وأمير أورون، وانضّمت عائلة الضابط غولدين إلى مطلب الوزير اليمينيّ المُتطرّف.
وتناقلت وسائل الإعلام الإسرائيليّة نبأ اغتيال البطش، وأبرزت على مواقعها أنّه كان مهندس كهرباء ومتخصصًا في الطائرات المسيرة، وأنّه كان ناشطًا في العمل الخيري بماليزيا، خاصّةً مع الجمعيات التي تدعم الفلسطينيين في قطاع غزة والضفة الغربيّة المُحتلّة.
وذكرت في سياق نقلها ملابسات الحادثة، أنّ الفلسطينيين يتهمون الموساد باغتياله، وأنّهم استذكروا عددًا من العلماء الذين تمّت تصفيتهم في ظروف غامضة.
وأشار مراسل الإذاعة العبريّة للشؤون الفلسطينيّة روعي كييس إلى ارتباط حادثة اغتيال البطش باغتيال مهندس الطيران تونسي الأصل محمد الزواري، الذي عمل لصالح (حماس) في تطوير الطائرات المسيرّة.
وكانت أكّدت كتائب الشهيد عز الدين القسام أنّ الشهيد الزواري، هو أحد القادة الذين أشرفوا على مشروع طائرات الأبابيل القسامية، وأضافت أنّ يد الغدر الصهيونية الجبانة اغتالت القائد القسامي (يوم 15/12/2016) بتونس حاضنة الثورة والمقاومة الفلسطينيّة. وكشفت الكتائب أنّ الشهيد المهندس الزواري هو أحد القادة الذين أشرفوا على مشروع طائرات الأبابيل القسامية والتي كان لها دورها في حرب العصف المأكول عام 2014.
كما قال مُحلّل الشؤون العسكريّة في القناة العاشرة بالتلفزيون العبريّ ألون بن دافيد إنّه تمّ اغتيال رجل حماس فادي البطش في ماليزيا، ووصفه بأنّه أحد مطوري طائرات الاستطلاع لدى حماس، على حدّ تعبيره.
من جهتها، ذكرت صحيفة “يسرائيل هايوم” أنّ البطش كان من عناصر حركة حماس، وأنّه عمل على تطوير الطائرات المسيرة، وكان متخصصًا في الطاقة البديلة.
جديرٌ بالذكر أنّه في شهر تموز (يوليو) من العام 2014 قال متحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيليّ إنّ حركة حماس خططت لتنفيذ هجومٍ على أحد التجمعات السكنية في الدولة العبريّة بواسطة مظلاتٍ شراعيّةٍ بعدما تدرّب عناصرها على استخدامها في ماليزيا. وأضاف أنّه كُشف النقاب عن أنّ حركة حماس خططت لارتكاب اعتداءٍ في أحد التجمعات السكنية الإسرائيليّة في محيط قطاع غزة بواسطة مظلاتٍ شراعيّةٍ.
وأضاف في تغريدات على موقع التواصل الاجتماعي “تويتر”: يستدل من التحقيق مع قائد خلية في قوة النخبة التابعة لحماس، تمّ اعتقاله خلال عملية الجرف الصامد، 2014، أنّ أفراد الخلية تدربوا في ماليزيا لمدة أسبوع، بحسب زعمه.
في السياق ذاته، قال أوفير غيندلمان، المتحدث باسم رئيس الوزراء الإسرائيليّ، في تغريدة على “تويتر” إنّ أحد نشطاء حركة حماس اعترف لجهاز الأمن العّام (الشاباك) بأنّه تدرب في ماليزيا برفقة 10 آخرين على شنّ عمليةٍ داخل إسرائيل بواسطة مظلةٍ شراعيّةٍ.
وكان الجيش الإسرائيليّ أعلن في بياناتٍ سابقةٍ أنّه اعتقل عددًا من الفلسطينيين من داخل قطاع غزة للتحقيق معهم. ونقلت صحيفة (هآرتس) العبريّة في العام 2015 عن مصادر في (الشاباك) الإسرائيليّ، أنّ حركة حماس تقوم بتدريب جامعيين من الضفة في ماليزيا، للعمل في صفوف الذراع العسكرية للتنظيم.
وتابعت، يفترض بهؤلاء الطلاب العمل بشكلٍ سريٍّ بعد عودتهم إلى الضفة، موضحةً أنّه على الرغم من نفي ماليزيا في العام الماضي لادعاء إسرائيل بأنّه يجري تدريب نشطاء حماس في أراضيها بوساطة الطائرات الشراعية، إلّا أنّ هذه هي المرّة الأولى التي يُوجّه فيها (الشاباك) اتهامًا مباشرًا إلى ماليزيا.
وأتى توجيه الاتهام من خلال لائحة اتهام تمّ تقديمها في حينه إلى المحكمة العسكرية في الضفة ضدّ وسيم القواسمة (24 عامًا) من الخليل، ويتهم القواسمة بالعضوية والنشاط في اتحاد ممنوع والاتصال بالعدو والحصول على أموال من العدو، بحسب المصادر الإسرائيليّة.