فسحة للرأي

حول التهدئة وانفصال غزة

مصطفى ابراهيم |
حول التهدئة وانفصال غزة

كتب - مصطفى ابراهيم:  لست مستغربا من الحديث الذي يقول أن ما يجري في غزة هو فصل غزة عن الضفة مع أن الجميع ساهم ويساهم في الفصل منذ سنوات طويلة واستسلم لقرارات اسرائيل بفصل غزة وعزلها ليس كما يدعي البعض انه بدأ مع انقلاب حماس او الانقسام في العام ٢٠٠٧، فالفصل بدأ عملياً منذ بداية تسعينيات القرن الماضي. حتى قبل قدوم السلطة الوطنية التي لم تفعل بما فيه الكفاية لمواجهة توجه اسرائيل الاستراتيجي بفصل غزة عن الضفة وتفتيت الهوية الوطنية، واستغلت ذلك مع بداية انتفاضة الاقصى في العام ٢٠٠٠، وشددت الحصار والقيود على القطاع وعززت ذلك مع اعادة انتشارها في العام ٢٠٠٥، وجاءت احداث غزة في العام ٢٠٠٧، وقبلها فوز حماس باغلبية في الانتخابات التشريعية، واختطاف الجندي الاسرائيلي جلعاد شاليط، واستثمرت اسراييل جيدا في ذلك، واتخذت قرارات واجراءات همجية وقاسية لتعزير الفصل والانقسام الذي ساهم طرفي الانقسام والفصائل في اطالة أمده لتعميق الفصل ليس جغرافيا فقط انما سياسيا ووطنيا واجتماعيا وثقافيا واقتصاديا، وخدم ذلك اهداف اسرائيل من دون اتخاذ اي خطوات حقيقية لانهاء الانقسام، ومواجهة اسرائيل والضغط عليها وتعرقل من تغولها، بل بعض المسؤولين في السلطة الوطنية ساهموا في تعزيز الحصار على القطاع وتشديده ومطالبة الأوروبيين وأمريكا بعدم تخفيف الحصار، بادعاء الضغط على حماس. وهم بذلك عززوا الفصل وبقصد، وجاءت قرارات فرض العقوبات من قبل السلطة على غزة في بداية العام الماضي لتعمق الشرخ الوطني وتعقيد حياة الناس الذين لم يعودوا يحتملوا ضغط الحياة والاوضاع الكارثية التي يعيشونها أفقدتهم الثقة بكل شيئ وطني والشك في القيادة والنظام السياسي بكل مكوناته، وباتوا في انتظار المخلص، في وقت تزداد الهجمة شراسة على تصفية قضيتهم والأزمات تتوالى، ولن يكون اخرها فصل نحو ١٠٠٠ موظف من اونروا، والتهديد الاسرائيلي المستمر بشن عدوان مدمر على غزة، وتمترس طرفي الانقسام مواقفهما. وفِي وقت تحاول مصر فتح مسار في جدران المصالحة الصلب، وأوضاع غزة تزداد سخونة وخشية من عدوان اسرائيلي مدمر. 

جاء الإعلان ليس بشكل رسمي عن فشل المصالحة بواسطة مصرية في وقت يجري تقدم في مسار التهدئة بين حماس واسرائيل، وصل نائب رئيس حركة حماس صالح العاروري الى غزة في خطوة لاتخاذ قرار حمساوي بالتهدئة والموافقة على خطة ميلادينوف لتحسين اوضاع غزة الكارثية. فالموضوع الرئيسي بالنسبة لحماس هو التهدئة وتحسين اوضاع غزة، في وقت رد الرئيس على خطوات مصر في مسار المصالحة بتغيير في الحكومة وتعيين نبيل ابو ردينة نائبا لرئيس الحكومة ووزيرا للاعلام في خطوة مستغربة وهو الذي يحمل ملف الاعلام في حركة فتح والناطق باسم الرئيس، وهندسة المجلسين الوطني والمركزي واللجنة التنفيذية وتغيير مسميات الدوائر فيها.
خطوة الرئيس هي استمرار الهيمنة وتعزيز سلطة فتح على حساب المصالح الوطنية وغياب الإرادة الوطنية بعدم تغليب الفئوية ما يدلل على اننا بحاجة الى تغيير النهج والرؤية الاحادية التي تعبر عن وجهة نطر فئة على حساب الاخرين وغياب الشراكة السياسية. ما يجري هو تثبيت للتهدئة سواء كانت قصيرة او طويلة الامد، فالمعلومات تشير انها حتى الان وفقا لتفاهمات ٢٠١٤، وسقف توقعاتها محدود، غير ان ملف التهدئة اكثر وضوحا ومنطقية للتحقق من ملف المصالحة، وربما التوصل لتهدئة بات قريبا وربما نفاجأ بحدوث تقدم كبير في ملف الاسرى. إذاً قد يحدث تقدم على ملفي التهدئة والاسرى وتخفيف الاوضاع الانسانية، الا أن ما يصدر حتى الان هي اخبار ومعلومات مصادرها فلسطينية وعربية ولم نسمع بشكل واضح اخبار إسرائيلية لا تعتمد في مصادرها على المصادر العربية والفلسطينية، فلا تستعجلوا النتائج بتقدم حقيقي وتغيير دراماتيكي في حياتنا بغزة، وإن يبدو تراجع اسرائيل عن بعض الخطوات الا انها استراتيجيا لم تتراجع عن فصل غزة ومخططاتها بتحييدها مؤقتا، او الادعاء ان حماس تعزز فصل غزة، فالجميع يعزز الفصل والانقسام ودفن ما تبقى من مشروعنا الوطني.

أضف تعليقاً المزيد

الاكثر قراءة المزيد

الاكثر تعليقاً المزيد