كتب - رومل السويطي- فيما معظم شرائح المجتمع الفلسطيني تعيش ظروفا اقتصادية صعبة، يتفاجأ المجتمع المحلي باحتفالات زفاف وتخرج طلبة وغيرها من المناسبات عالية التكاليف، فيما يتساءل البعض باستهجان "اذا كان الشعب يصيح ليل نهار من قلة ما في اليد، فمن اين جاءت النفقات الباهظة لهذه الاحتفالات؟".
وأمام المباهاة المزيفة والتقليد الذي يصفه بعض الحكماء بـ "الغبي" وأمام ملايين الشواقل التي أنفقت على ألعاب نارية لا طائل منها سوى الإزعاج والتسبب بإصابة مواطنين في بعض الأحيان،
رشيد فقها
اضافة الى تقليد عادات لشعوب أخرى لا تتناسب وأخلاق وقيم شعبنا، والتبذير الواضح في الكثير من "الكماليات"، الى جانب تقديم كميات كبيرة جدا من اللحوم في هذه مناسبات الاعراس وحفلات التخرج، يتم التخلص من معظمها في حاويات النفايات، قرر أحد الميسورين من قرية دير شرف غربي نابلس إقامة حفل تخرج لإبنه البِكر والذي أنهى دراسته من كلية الحقوق، باحتفال متواضع لا يشارك في تقديم خدماته للضيوف سوى أولاده واخوانه واولادهم وابناء عمومته. ويقول المواطن رشيد فقها وهو وكيل لاحدى كبريات شركات الالبان الفلسطينية في شمال الضفة، أنه قادر على دعوة آلاف الأشخاص وتقديم أطنان من اللحوم، واطلاق آلاف الالعاب النارية واستجلاب أكبر عدد من الفنانين باهظي الأجرة، كما أنه قادر على توفير عشرات الأشخاص بأجور عالية لتقديم الخدمات للضيوف، لكنه رفض ذلك، مستدلا على ذلك بقول الله تعالى "ان المبذرين كانوا اخوان الشياطين".
وقال بأنه قرر أن يكون الحفل على الطريقة الفلسطينية القديمة، من خلال توفير شاعر شعبي مع اليرغول يؤدي فقرات فنية من التراث الشعبي الهادف والممتع، الى جانب تقديم بعض أنواع الحلوى وخاصة التمور، وأن ينتهي الحفل عند الساعة الحادية عشر ليلا، وبدون ألعاب نارية على الاطلاق. واشار الى أن الغرض من اقامة أي احتفال في مناسبة زفاف أو تخرج هو التعبير عن الفرح وإشهار هذه المناسبة، وتساءل "لماذا نضطر أن تكون فرحتنا باهظة الثمن، ونغلق الشوارع ونزعج النساء والأطفال والمرضى في بيتهم حتى ساعات الفجر، وسرعان ما ينساها صاحبها فضلا عن الضيوف"؟. وقال بأنه أراد أن يدق ناقوس الخطر من هذه المصاريف غير الضرورية والتي هدفها الاستعراض فقط، فيما يعيش شعبنا ظروفا اقتصادية صعبة، وربما نكون على أبواب أزمات اقتصادية أخطر مما نحن فيه الآن، وتحتاج كل التدبير والحكمة.
ومع ذلك - يتابع فقها- فإنه أراد ايصال رسالة أخرى، مفادها اذا كانت هناك قدرة لدى صاحب هذه المناسبة أو تلك، على إنفاق عشرات آلاف الشواقل على مناسباتهم، فلماذا لا يقومون برصدها لخدمة أهالي بلداتهم أو مدنهم أو مخيماتهم، مؤكدا أنه قرر وبالتوافق مع ابنه الخريج تقديم المبلغ الذي كان من الممكن انفاقه على اللحوم وبعض الكماليات "الغبية" حسب وصفه، لخدمة قريته وبعض طلبة الجامعات من العائلات المتعففة.
من جهتهم، أعرب العديد من المواطنين الذين حضروا الحفل أو سمعوا به، عن سرورهم ورضاهم الكبير لهذه الخطوة من جانب عائلة الطالب الخريج، كما أعربوا عن تمنياتهم تعميم هذه الخطوة، والابتعاد عن المغالاة والمباهاة، ورصد نفقات الكماليات لخدمة المتعففين ومشاريع تنموية محلية، والاكتفاء باحتفالات شعبية تتناسب مع ظروفنا كشعب تحت الاحتلال، يعاني أزمات اقتصادية صعبة ومعقدة وغير آمنة.