تقارير وتحقيقات

جبل صَبيح .. جبل التجربة

|
جبل صَبيح .. جبل التجربة

 كتب - رومل السويطي*  دخلت المقاومة الشعبية ضد إقامة البؤرة الاستيطانية على جبل صَبيح في بلدة بيتا جنوب شرقي نابلس يوم أمس شهرها الثالث، وتميّزت هذه المقاومة التي يخوضها أبناء بلدة بيتا التي قدمت منذ العام 1967 وحتى الآن ثمانية وسبعون شهيدا كان آخرهم شهداء جبل صبيح،  الشهداء الفتى محمد سعيد حمايل، والأستاذ زكريا حمايل، ووكيل نيابة سلفيت الدكتور عيسى برهم، والفتى أحمد زاهي داوود بني شمسه، وقبلهم أول من استشهد على ثرى جبل صبيح الفتى إمام دويكات في العام 2014، وآلاف الجرحى والأسرى والمبعدين، وما تخلل كل ذلك من قمع واغلاق متقطع لمداخل البلدة وتضييق على أبنائها الى جانب نسف ثلاثة عشر منزلا، وتصدع خمسة عشر منزلا بشكل كبير خلال عملية نسف المنازل، تميّزت هذه المقاومة بتواصلها منذ شهرين بشكل متواصل لم تتوقف لحظة واحدة وعلى مدار الساعة، بل انها في تصاعد لافت للنظر جعل العديد من المستوطنين يكتبون على حساباتهم الشخصية على موقع فيسبوك أنهم لم يعودون يتحملون كل هذا الإزعاج من بيتا وشبابها. 

 

بيتا على قلب رجل واحد
وفي خضم العمل الإبداعي لـ "وحدات المقاومة" التي شكلها "حراس الجبل" من أبناء البلدة، ومنها "وحدة الكاوشوك، والمشاعل، والليزر، والرصد، والدعم اللوجســتي، والإعلام، ووحدة الإزعاج التي تتولى تشــغيل الأبواق باتجاه البؤرة الاستيطانية بشكل يومي وبخاصة في ساعات الليل وحتى ساعات الفجر الأولى، في خضم ذلك كله، كان ولا يزال أبناء البلدة على قلب رجل واحد بكل ما تحمله الكلمة من معنى، ولم يرفعوا راية غير راية العلم الوطني الفلسطيني، حتى اذا ما حاول مناصر لهم من خارج البلدة، رفع راية فصيله، نهروه بصوت واحد "جميعنا هنا تحت راية علم فلسطين فقط". 
ويقول أحد نشطاء المقاومة الشعبية في البلدة، أن أحد أهم أسرار نجاح هذه المقاومة الشعبية في الاستمرار حتى الان، يكمن في وحدتها وتجنبها البُعد الحزبي والفصائلي، وتصميم نابع عن قناعة كاملة من جانب الأهالي في ضرورة الاستمرار حتى إخلاء البؤرة وعودة الجبل كاملا الى حضن أهله، وقال أنه "يتعين على إسرائيل أن تعد 14 ألف رصاصة لقتل جميع سكان بيتا إذا كانت تعتزم السيطرة على الجبل" حسب تعبيره.
 
 
ستون يوما من المواجهة .. ليل نهار 
وبهذه المناسبة أكدت لجنة التنسيق الفصائلي التي تضم كل فصائل العمل الوطني والاسلامي في بلدة بيتا، أن المقاومة الشعبية في بيتا تدخل شهرها الثالث وهي موحدة وأكثر تصميما واشد عزيمة على مواصلة درب المقاومة التي تعمدت بدماء الشهداء الابطال واهات ودماء الجرحى التي سالت على جبل صبيح. 
وقالت لجنة التنسيق في بيان لها تلقته "الحياة الجديدة" يوم أمس، أن ابطال المقاومة "فصائل ومؤسسات وشبابا وشيوخ نساء وأطفال" لا يزالون موحدون تحت راية العلم الفلسطيني يواصلون الليل مع النهار ويبتدعون أشكالا متعددة من المقاومة ومقارعة ترسانة الاحتلال الإجرامية، حتى عجز الاحتلال بكل امكانياته العسكرية عن مواجهة أساليب مقاومة وحدات "الإرباك الليلي" حتى وصل به الامر من مصادرة الإطارات المطاطية من المحال التجارية والمقاعد البلاستيكية التي يجلس عليها كبار السن بالقرب من جبل صبيح. وبفعل هذه المقاومة – حسب ما جاء في بيان لجنة التنسيق - أُرغِم جيش الاحتلال على رفع توصيات الى قيادته وحكومته بضرورة إزالة البؤرة لعدم قدرته السيطرة على الأوضاع. 
 
 
بيتا اربكت حكومة الاحتلال 
وتشير لجنة التنسيق الى أن وحدات الإرباك الليلي" لم تربك المستوطنين وجنود الاحتلال الذين يحرسونهم، فحسب، بل أربكت حكومة الاحتلال التي انقسمت على نفسها بين معارض ومؤيد للازالة، وكل ذلك بفضل سواعد فرق الإرباك الليلي. وقالت ان "حراس الجبل" خلال الشهرين الماضيين من المقاومة، عملوا على تطوير أساليب جديدة في مواجهة الاحتلال وأساليبه القمعية، التي لم تثني بيتا عن المقاومة ومواصلة مسيرة النضال موحدين تحت راية العالم الفلسطيني. وأكدت أنها لن تسمح لأي كان ان يخدش هذه الوحدة أو يقلل من أهميتها او يحاول بث سموم الفرقة أو تصوير ما يجري أنه عمل عفوي ودون حاضنة جماهيرية أو تنظيمية من "جميع الفصائل والمؤسسات" التي توحدت في الميدان وشكلت سياجا حاميا وحاضنا لهذا الفعل المقاوم ولكل المبادرات الفردية والجماعية ووجهت كل الجهود باتجاه كنس البؤرة الاستيطانية ومقاومة الاحتلال. 
 
 
 
الاحتلال يفشل في تفتيت شعلة المقاومة
وقالت اللجنة ان الاحتلال على مدار الستون يوما الماضية فشل في اطفاء شعلة المقاومة وتحطمت كل أدوات قمعه على صخرة الوحدة والصمود ويحاول بائسا ان يتسلل من خلال أدواته الاكترونية وأجهزته الاستخبارية بين صفوف المناضلين لتفتيت جبهة المقاومة واشغالها في قضايا ثانوية. وجددت اللجنة ثقتها بوعي أبناء البلدة وعدم الانجرار وراء الإشاعات المغرضة وعدم التعاطي مع بعض ما ينشر على مواقع التواصل الاجتماعي من اشاعات هدفها الوحيد هو توتير الأجواء وحرف البوصلة عن مسارها الصحيح .
ودعت الصحفيين لمواصلة نقل "النموذج الوحدوي" والأشكال المتعددة من المقاومة الشعبية الموحدة من أبناء بيتا وعدم الالتفات الى صغائر الأمور. كما رحبت بكل المؤسسات الشعبية والقانونية والإنسانية وكل الأطر الشعبية والتنظيمية والبلدية والقروية التي توافدت على جبل صبيح للمشاركة في مسيرة المقاومة على مدار الفترة الماضية داعية اياهم الى مواصلة مشاركتهم وتضامنهم مع أبناء بيتا. 
 
* جريدة الحياة الجديدة
 
 

أضف تعليقاً المزيد

الاكثر قراءة المزيد

الاكثر تعليقاً المزيد