تقارير وتحقيقات

كرسي متحرك يبني قرية ويحميها

|
كرسي متحرك يبني قرية ويحميها

  كتب - بشار دراغمة - مشهدا الموت والحياة في ذات المكان، يرفض كلاهما الآخر، ويصارع مشهد الحياة لإقصاء صورة الموت من المكان، متسلحا بحق ورثه "أبا عن جد"، ويفلح ذلك المشهد في تسجيل انتصارات على محاولات الموت الآتية عبر فوهة دبابة تتمايل يمينيا ويسارا فرحا بكل طلقة، محاولة من خلالها إقصاء الفلسطيني من المكان.

هي قرية العقبة القابعة على جبهة الصمود والألم معا، صمود تحقق بفعل قدرة الحاج سامي الصادق على ترسيخ الحق لأصحابه، وألم متواصل بفعل محاولات الاحتلال الخلاص من القرية التي باتت نموذجا حضاريا متطورا ويحظى بدعم دولي رغم قلة عدد سكانها.
على مشارف الأغوار الشمالية، كبرت قرية العقبة وتطورت، وتحولت إلى قرية نموذجية، تتمنى بلدات كبيرة أن تملك ما احتوته العقبة من خدمات في مجالات التعليم والصحة والطرق وغيرها، بينما يشير الكل بالفضل إلى الحاج سامي الصادق الذي توفي الأسبوع الماضي بعد رحلة صمود أسطورية للحفاظ على قرية العقبة ومنع هدمها من قبل الاحتلال الذي حاول مرار تنفيذ مخططه بإخلاء العقبة من سكانها وهدم منازلها.
على كرسيه المتحرك نجح الحاج سامي في طرق أبواب برلمانات العالم والكونجرس الأميركي، وجعل من العقبة قضية يتم تداولها تحت القباب القرارات البرلمانية، وكان لقوة طرحه سلاح سحري في دفع ممثلي الكثير من دول العالم لزيارة القرية والدفاع عنها ودعمها سياسيا وماليا، فكان يستصدر القرارات بمنع عمليات الهدم وفي الوقت ذاته يبني ويؤسس لقرية نموذجية توفر لأهلها كل مقومات الصمود، حتى أصبحت القرية الحلم، بعدما فازت بلقب أفضل هيئة محلية منافسة مدن نابلس والخليل.
مجلس العقبة القروي الذي كان يرأسه الحاج سامي ليس إلا شجرة خروب كان يقضي الحاج سامي جل وقته تحتها، وهناك يعقد اجتماعاته، ويصدر قراراته بإيصال صوت العقبة إلى كل العالم وانتزاع قرارات من الاحتلال بوقف مخططات الهدم.
منظمة العفو الدولية، التي تعرف الحاج سامي جيدا، استطاع الراحل أن يحشد قوتها لخدمة قرية العقبة والدفاع عنها، وترى المنظمة أنه على الرغم من هدم العديد من مباني القرية على أيدي قوات الاحتلال، فقد ساعدت الجهود التي بذلها في تحويل قرية العقبة إلى مجتمع مزدهر يتمتع بمرافق جديدة، من بينها روضة أطفال وعيادة صحية. وتقول المنظمة على موقعها على الإنترنت "عقب الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية، أصبحت قرية العقبة
أكثر عزلة على نحو متزايد، وأرغم حظر إقامة الأبنية من قبل الفلسطينيين العديد من السكان على مغادرتها. وبصفته رئيس المجلس القروي، تمكَن الحاج سامي صادق من تأمين تمويل دولي، وعمل مع أهالي القرية على إنشاء مبان للمجتمع المحلي، من قبيل روضة أطفال ومركز صحي ومدرسة أساسية ومسجد وشوارع معبدة. وتتوفر في القرية الآن الإمدادات الكهربائية وخطوط الهاتف". وتابع الحاج سامي جهوده وأوجد على أرض العقبة مصانع للألبان والأجبان والأعشاب الطبية.
الحاج سامي الذي أقعدته ثلاث رصاصات احتلالية في العام 1971 ورافقته إحداها على مقربة من قلبه إلى أن توفي، استطاع أن يصد بجهوده مخططات احتلالية شرسة تجاه القرية، ومنها إعلان القرية منطقة عسكرية مغلقة محاطة بثلاثة معسكرات للاحتلال بينما وصل عدد إخطارات الهدم في القرية إلى نسبة تقترب من 100%، لتبدأ القرية رحلة نضال طويل ارتقى فيها الشهداء وتحقق في نهاية المطاف هدفها بالبقاء والمزيد من البناء.

أضف تعليقاً المزيد

الاكثر قراءة المزيد

الاكثر تعليقاً المزيد