غزة: أقرّ عدد من القناصين الإسرائيليين، بإطلاقهم النار بشكل متعمد على المتظاهرين الفلسطينيين، خلال مشاركتهم في مسيرات العودة ورفع الحصار السلميّة، ونشرت صحيفة “هآرتس” الإسرائيلي تقريرًا نقلت فيه أقوال القناصة الإسرائيليين، الذين سردوا قصصهم حول إطلاق النار على المتظاهرين الفلسطينيين.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته الصحافيّة بلقيس دعاسة من موقع “عربي21” إنّ إيدن الذي أكمل خدمته في الجيش الإسرائيلي باعتباره قناصًا في لواء المشاة في جولاني قبل ستة أشهر، يعرف بالضبط عدد الركب التي أصابها، لوقت طويل، حينما كان يتمركز على طول الحدود مع قطاع غزة، وكانت مهمته صدّ المتظاهرين الفلسطينيين الذين يقتربون من السياج.
وتابعت الصحيفة العبريّة قائلةً في تقريرها إنّ إيدن اعترف بأنه يحتفظ بأغلفة الرصاصات لكل جولة أطلقها، وقدّر أن عدد الركب التي أصابها يبلغ 52، وعندما سُئل عما إذا كانت هناك ضربات غير مؤكّدة، قال القناص إنّ الحوادث التي تقع تتمثل في عدم توقّف الرصاصة وإصابة الشخص الذي يقف وراء الهدف، طبقًا لأقوال، ومن جهة أخرى، أكّدت الصحيفة أنّه تباهى بحقيقة أنه يحمل الرقم القياسي في عدد الضربات المُنفَّذة في كتيبته، مشيرا إلى أن زملاءه يلقّبونه “بالقاتل”.
وأوضحت الصحيفة أن المظاهرات الجماهيرية على السياج الفاصل مع قطاع غزة بدأت في يوم الأرض، في آذار (مارس) من العام 2018، واستمرت أسبوعيًا حتى كانون الثاني (يناير) الماضي، وحصدت هذه المواجهات المستمرة حياة 215 متظاهرًا، في حين أصيب 7996 شخصا جراء استعمال الاحتلال للذخيرة الحيّة، كما أكّدت الصحيفة، التي اعتمدت في تقريرها على إحصائياتٍ رسميّةٍ من منظمات حقوق الإنسان التي تنشط في قطاع غزّة.
وأفادت الصحيفة بأن تسليط الضوء على هذه العيّنة الحديثة من التاريخ يستلزم الحديث مع القناصة، وفي الواقع، تراوحت أهدافهم بين الشباب الفلسطينيين الذين كانوا يحاولون التسلل عبر السياج الفاصل، والمتظاهرين المدنيين، وواجهت كلتا الفئتين نفس المصير، وهو الذخيرة الحية على الساقين.
وبيّنت الصحيفة أن ستة قناصة وافقوا على إجراء مقابلات معهم، حيث أن خمسة منهم من ألوية المشاة بالإضافة إلى واحد من وحدة (دوفدفان)، وهي تُعتبر من أكثر الوحدات نخبويّةً، لمكافحة “الإرهاب”، وفي الواقع، لم يكن الهدف من قبولهم “كسر الصمت” أو التكفير عن أفعالهم، وإنما فقط لرواية ما حدث من وجهة نظرهم.
في حالة إيدن، قالت الصحيفة إن حقيقة قتله لمتظاهر عن طريق الخطأ لا تخيفه، ويقول في هذا الصدد، إنني كنت على الجانب الصحيح، وقمت بالشيء الصحيح، لأنه إن لم يكن بفضلنا، لحاول الإرهابيون عبور السياج، بحسب تعبيره.
وأضاف إيدن أنه حطم “الرقم القياسي في إصابة الركب” خلال المظاهرة التي اندلعت في اليوم الذي افتُتحت فيه السفارة الأمريكية الجديدة في القدس، في 14 أيار (مايو) من العام 2018، لافتا في الوقت عينه إلى أنّه قام بذلك بالاشتراك مع شخص آخر يُعرف “بمحدد الموقع”، الذي تتمثّل مهمته في إعطاء بيانات دقيقة لشريكه، مشيرا إلى أنهما حققا أكبر عدد من الضربات، على حدّ تعبيره.
وكشفت الصحيفة الإسرائيليّة في ختام تقريرها النقاب عن أنّ إيدن يتذكر بوضوح أوّل مرة أطلق فيها النار على ركبة أحدهم، حيث أن هدفه كان متظاهرًا يقف على لفائف من الأسلاك الشائكة على بعد حوالي 20 مترًا، كما أكّدت الصحيفة.
وأوضح إيدن أنه في تلك الفترة، لم يُسمح له بإطلاق النار على محرّض رئيسي إلّا إذا كان واقفًا حتى لا يُهدر الفرصة وتنفد الذخيرة، وقال عن ذلك: في إحدى المراحل، كان المتظاهر واقفًا أمامي ويستفزني، ثم أتى التفويض بإطلاق النار، وكانت لحظة صعبة، إذ كان الجنود من حولي، وزوجاتهم والعالم كله يراقبونني في أول محاولة لي (..)، أتذكر مشهد الركبة وهي تنفجر، قال القنّاص الإسرائيليّ للصحيفة العبريّة.