فسحة للرأي

قوانين الاحتلال "إحتلال"

منتصر حمدان |
قوانين الاحتلال "إحتلال"

 كتب - منتصر حمدان:  اثار موقف نقابة الصحافيين الفلسطينيين من نشر اعلانات الادارة المدنية في صحيفة القدس، ردات فعل متنوعة ومتعددة وسط اجماع على ان نشر هذه الاعلانات يعد ضربة لكل جهود المقاطعة للاحتلال ومؤسساته، وبعيدا عن الدخول في منطق المع والضد والصواب والخطأ، الا ان السؤال الابرز هو لماذا تحرص ما تسمى بالادارة المدنية التي تعتبر احد ادوات الحكم العسكري لتكرس واقع الاحتلال الاسرائيلي، على نشر هذه الاعلانات في وسائل اعلام فلسطينية، ونشرها باللغة العربية  مقابل المال؟وما هي الفائدة التي تجنيها اسرائيل  ومؤسساتها من وراء  نشر هذه الاعلانات؟.

ان توفير مساحة في وسائل اعلامنا المحلية لمثل هذه الاعلانات الصادرة عن ادارة الحكم العسكري، يساعد اسرائيل في عدة نقاط اولها في التملص من اية ملاحقات قانونية عبر الادعاء بانها ابلغت اصحاب الاراضي المصادرة بـالقوة العسكرية من خلال  نشر اعلانات رسمية في صحف فلسطينية وناطقة باللغة العربية، واستخدام نسخ هذه الصحف في اية محاكم سواء اسرائيلية او غير اسرائيلية  للادعاء بانها قامت بابلاغ اصحاب الاراضي قبل تنفيذ مخططاتها الاستيطانية وفتحت المجال امامهم للطعن او الاعتراض، وبالتالي فان ذلك يساعدها في الظهور بمظهر الدولة الديمقراطية الحريصة على تطبيق القانون، ما يجعل تعامل  وسائل الاعلام الفلسطينية مع نشر هذه الاعلانات وكأنها شريكة في تلك المخططات مع العلم ان الامر لم يكن مقتصرا فقط على صحيفة القدس، بل ان وسائل اعلام فلسطينية اخرى كانت نشرت اعلانات مشابهة في وقت سابق لكنها توقفت عن فعل ذلك.

اعتقد ان صحيفة القدس بكوادرها المهنية والحريصين على الصحيفة وقدموا الكثير من اجل فلسطين والقضية الوطنية جسدوا الكثير من المواقف المحسوبة لهم في مواجهة الاحتلال ومخططاته، لكن اصرار ادارة الصحيفة على مواصلة نشر اعلانات الادارة المدنية يثير الشكوك في مواقف هذه الادارة وليس مواقف الصحيفة والعاملين فيها دون اسقاط مطالبتهم بضرورة اتخاذ موقف واضح مما تفعله ادارة الصحيفة بهذه الخصوص والتي تسعى الى تحويل القضية الى مجرد مناكفات وشخصنة القضية وكأنها خلاف بين اقطاب اعلامية في حين ان القضية تحمل في طياتها مخاطر حقيقية تمس حقوق المواطنين والشعب الفلسطيني برمته، وهذا ما حاولت نقابة الصحافيين  الفلسطينيين التحذير منه عبر مواقفها المعلنة والواضحة بهذا الخصوص.

ان مجابهة مثل هذه المخاطر لا يأت عبر افتعال الازمات وشخصنة  القضية، بل يستدعي رؤية عميقة  لمعالجة  الاشكاليات والاخطاء بحكمة وروية بعيدا عن منطق التشنج والغضب، والدعوة الى  فتح نقاش وحوار ديمقراطي رزين للوصول الى سياسة اعلامية وتحريرية مهنية واضحة في التعامل مع مخططات الاحتلال واجهزته ومؤسساته انطلاقا من وضع مصلحة الوطن والمواطن في سلم الاولويات بما يعزز صموده وتقوية براهنه وادلته في كشف وفضح جرائم الاحتلال الاستيطاني الاستعماري.

ان ما تقوم به اسرائيل ومؤسسات احتلالها وادواته لم يمكن فصله عن مخططات محكمة تستند بالاساس الى مواقف قادة الاحتلال المعلنة وغير المعلنة من خلال تقديم  احتلالهم وادواته على انهم مخلصين وحريصين على هذا الشعب وهذه الارض، فتكريس مسمى الادارة المدنية في وعي  المواطنين هو امر خطير، وتكريس مسمى منطقة يهودا والسامرة امر اخطر، واستبدال اسم المستعمرات باسم  بلدات يمثل تسللا عميقا في الوعي يستوجب مواجهته في خطة عمل واضحة متفق عليها من الجميع، وعار علينا الانسياق وراء تسهيل او تعميم مثل هذا المخطط الاحتلالي الذي يخدم التوجهات الاستيطانية ويحاول شرعنة وجود المستعمرات وكأنها امر عادي في حياة شعبنا الذي مازال يعاني من الاحتلال وسياساته العنصرية، وما يجعل القضية اكبر من صحيفة القدس والنقابة لتصل الى مستوى  قضية وطنية من الطراز الاول ويسجل للنقابة وقيادتها بانهم اول من طرقوا جدران الخزان.

 

أضف تعليقاً المزيد

الاكثر قراءة المزيد

الاكثر تعليقاً المزيد