فسحة للرأي

فصل غزة وترويض قطر (كتب - غازي مرتجى)

غازي مرتجى |
فصل غزة وترويض قطر (كتب - غازي مرتجى)

 كتب - غازي مرتجى:  لم يكُن بوارد الرئيس محمود عباس أن تأتي رياح الولايات المتحدة عكس هواه الذي رُسم لنا دون أن ندري , فالانفتاح الكبير الذي قوبلت به كلمات ترامب ووعوداته جاءت زيارته لبيت لحم بعكسها ودون المتوقع , ربما كان لإضراب الأسرى بعض التأثير لكن ترامب قدم إلى بيت لحم بأفكار مغايرة ربما انفصام شخصيته أثّر عليه من أحاديث نتنياهو و"الزّن" الذي يتقنه اليميني المتطرف أو أنّ الرئيس الأمريكي خاف أن يُسجّل في التاريخ كأقصر من يتولى الرئاسة بضغوطات اللوبي التي باتت واضحة للعيان .

زيارة ترامب للشرق الأوسط كانت هي المُحدد للمرحلة المقبلة بعد أن فشلت الخطة الأكبر زمن أوباما لاستيعاب الاسلام السياسي وتسليمه مقاليد الحكم في دول الشرق الأوسط ورغم فشلها إلا أنها حققت المُراد على المدى الطويل بتفسخ وانقسام لن يكون من السهل تجاوزه ونسيانه . ترامب الذي حذّر ناطق باسمه دولة قطر من عدم الالتزام بما تم الاتفاق عليه في الرياض بات من الواضح أن "بصلته محروقة" ويُريد البدء برسم الخارطة شرق الأوسطية من جديد بسرعة ودون تأخير . القمة الاسلامية العربية الامريكية التي عقدت في الرياض ستُسجّل كمستند تاريخي لما سيحدث في المنطقة لاحقًا . في فلسطين حيث الاحتلال الأطول في التاريخ الحديث فإنّ المرحلة المقبلة لن تكون سهلة وتتطلب اصطفافًا من نوع جديد لن يُجدي معه البقاء على خط الوسط فالدول العربية والاسلامية بلا استثناء تريد "الخلاص" من القضية الفلسطينية بأي طريقة ولو كلفّت الكثير .

السلطة والتي تتمتع بعلاقة "طيبة" مع قطر وكذلك مع دول الخليج الأخرى وبالتأكيد مع العمق العربي في مصر والأردن لن تكون وحيدة هذه المرة لكنها ستكون في وضع صعب للغاية سواء في توازن العلاقات أو توالي الإجراءات . فهذه "غزة" التي باتت قاب قوسين من الانقصال النهائي عن الوطن لا زالت حماس تُعاند وتقول أنها ستصبر أحد عشر عامًا أخرى وبالتالي فهي عادت لنظرية "حرق الوقت" المُتبعة منذ أحداث الانقسام . تحاول اعادة علاقاتها السابقة بعد أن علمت أن المطحنة لن تستثني شركاءها "قطر وتركيا" إن لم يبتعدوا عنها , هي (أي حماس) تعتقد أن حرق الوقت مُتاح في كل لحظة وهي لا تعلم أن ترامب "المستعجل" أعطى الإشارة وبدا التنفيذ كما نشاهد . السلطة التي قرأت تلك التحالفات في وقت مُبكّر وعلمت أن القضية الفلسطينية ستكون قبة الميزان في الصفقات المقبلة أرسلت اشاراتها لحماس فرفضت فاستخدمت أسلوب الضغط فعاندت وها نحن نقترب من لحظة الحقيقة .. فصل غزة لن يكون خيرًا مفاجئًا أو غريبًا في ظل استمرار العناد والضغط مُتزامنين . فلماذا كل تلك المحاولات إن كان "الحبل" لا يزال ممدودًا فلتتلقفه حماس وبالتالي سينعكس إيجابًا على الرئيس ولنعلن موعدًا محددًا للانتخابات العامة دون أي تاخير .

هل الرئيس مرتاح ؟ وهل حماس في راحة ؟ الإجابة قطعًا بالنفي فكلا الطرفين سيكونان خارج الحسابات طالما استمرّ حال الانقسام على ما هو عليه . الآن لحظة الحقيقة القائمة إما دولة فلسطينية على 67 بغزة وشرق القدس مع بعض التبادل للأراضي وإما سلام اقتصادي للضفة فقط ولغزة بعد "قرصة دان" سلام آخر عندما تصبح دولة منفصلة !. هذه هي الحلول المطروحة على الطاولة الآن .

أما عن السلام الاقتصادي المتوقع فهي حلول "ترقيعية" قد لا أبالغ في القول أنها كانت مُتاحة في فترات سابقة لو كان الوفاق جديًا لا صُوريًا  ولدينا من الشواهد والملفات الكثير . القول أن غزة تتجه للانفصال لا يشوبه عاطفة أو أماني بل هو تحليل لواقع بات من الصعب تجاوزه في ظل العناد .. وكلنا نعرف أن الكفر أصله عناد !
 

أضف تعليقاً المزيد

الاكثر قراءة المزيد

الاكثر تعليقاً المزيد